قصة قصيرة رائعة بعنوان "طريق الموت"

قصة قصيرة


طريق الموت




كتبت / فاطمة صلاح
        أستيقظت من نومها بتكاسل . أخذت تدور فى فراشها محاولة العودة إلى النوم مرة أخرى ولكن هيهات بدأت تغزوها ذكرياتها الحزينة بدأت دمعة ساخنة تسيل على وجهها فقررت ان تنهض قامت من تلى فراشها أرتدت منامتها بتكاسل . ثم جلست أمام مرآتها وأخذت تفكر وبدأت تشرد بذهنها قليلا . وسألت نفسها :

ماذا ستفعل اليوم ؟!
ككل يوم لا شئ فهى وحيدة حزينة يائسة محطمة ليس لها أهل أو أقارب أو حتى أصدقاء بعدما توفيا والداها فى حادث وليس لها أقارب ولم تحظى يوماً بصحبة طوال حياتها . نفضت عنها أفكارها وشردوها وخرجت من غرغة نومها أخذت تدور فى شقتها تذكرت تلك الجرائد فأتت بها من تحت الباب .أخذت تقلب فى صفحاتها فلم تجد جديدا .
تأففت قائلةً : لاجديد ! لا جديد !
الأخبار ما بين قتل و أغتيال وسرقة وأختلافات سياسية وسب وقذف لا فائدة ..
 هؤلاء يتقاتلون ... وهؤلاء معارضون .. وهؤلاء مؤيدون .لا جديد !
رمت بالجرائد بنفاذ صبر على الطاولة ..
ثم أمسكت بريموت التليفزيون وجلست على كرسى مقابل له أخذت تدور بين القنوات ولم تجد جديدا 
ما بين أخبار قتل وأغتيال وسرقة وكوارث وأنهيار كلها أخبار تحمل رائحة الموت
تأففت قائلة بنفاذ صبر: لاجديد !
نهضت من كرسيها فتحت شرفة شقتها ووقفت تطل على الشارع فإذا بشاب يركب دراجة نارية ويمر بجوار عجوز ويخطف شنطتها ثم يزيد من سرعته وينطلق  وتصرخ السيدة حرامى حرامى ولكن هيهات . فر !
تشعر بتذمر وسخط يبان جليا على قسمات وجهها ثم تغلق الشرفة بعنف وهى تتأفف
ثم أخذت تتجول فى شقتها تتوقف أمام أحدى حوائط المنزل معلق عليها العديد من صور لها ولوالديها وتنظر الى احدى الصور  وتحدثها : لماذا تركتمونى وحدى ؟ لماذا لم تأخذانى معكم ؟! 
هل تدريان الى أى حد أعانى بدونكم ؟!
تهبط من عينها دمعة سرعان ما تمسحها ثم تقرر أن تنهض لتُعد فنجاناً من القهوة لتحتسيه تقف تعد القهوة ثم تشرد بذهنها قليلاً ويجتاحها فوج هائل من الذكريات ذكريات طفولتها السعيدة مع والديها ورعايتهم لها ثم تتذكر ذلك الحادث اللعين وهى معهم فى سيارة والدها وهما عائدون من نزهة فى طريقم الى منزلهم وسط ضحكاتهم على أحدى فكهاتها التى ترويها لهم فاذا بالسيارة تصدم بشجرة هائلة توفى والداها وتعيش هى أيام فى المستشفى لتتعافى من جراحها وآلالام فراق والديها وحيدة ولا يسأل عنها أحد 
حتى تعافت . تعافت من جراح الحادث وليس جراح الفراق وعادت لشقتها مرة أخرى تعيش وحيدة سجينة ذكرياتها  على  دخل معاش والديها منذ أكثر من سنة على تلك الحالة بل تسوء تمر أيامها متشابهة لاجديد تزداد حالتها أكتئابا لا تعرف سبيلا للخروج من وحدتها .
ثم تتنبه من شرودها تلى صوت القهوة  وهى تفور  فتعد فنجانا اخر وتخرج من المطبخ تجلس على كرسيها الهزاز مغمضة العينين تحتسى القهوة ثم تذكرت قصة عن أحد الكتاب لا تدرى أين أو متى سمعتها ؟
أن أحد الكتاب كان يعشق القهوة عشقاً شديداً مثلها  توفى أثر تناوله خمسين فنجانا من القهوة بحالة من حالات التسمم فى الدم .. 
فضحكت ضحكة صغيرة لتلك الذاكرة . وحدثت نفسها فيالها من لذة أن يموت المرء على يد أحب الاشياء لديه 
فتحدث نفسها مغمغة : ولما لا ؟!
وتقرر الاستجابة لتلك الخاطرة .فهى ليس لها نفعٌ فى نظر نفسها وليس لها أحد وحيدة تعذبها ذكرياتها يقاتلها حنينها الى والديها ولا تعرف أحد ولا أحد يعرفها .فلم العيش إذن ؟!
وتنهض من كرسيها وتعد فنجان قهوة وتحتسيه ثم تعد أخر وتحتسيه فالتالى ثم التالى ثم التالى  حتى تسقط أرضا . سقطت وسقطت معها أحلامها التى لم تحقق منها شيئا والتى لم يعرف بها أحد وألالامها وأحزانها التى لم يشعر بها أحد ولم يدرى بها أحد. سقطت ولن يدرى بأمرها أحد لأيام . 
كانت دائما ما لديها الخيار كان دائما ما يعطيها الله فرصة جديدة للعيش ولكنها لم أختارت الأختيار الخاطئ . كان دائما ما لديها الخيار،لتخرج من عزلتها ووحدتها أن تغير مجرى حياتها أن تخرج للحياة أن تعمل . أن تحب . أن تحاول العيش مرة أخرى . ولكنها قررت أن لا تخرج من سجن ذكرياتها فماتت فيه أختارت أقصر الطرق وأصعبها أختارت طريق الموت ..!







Share on Google Plus

About Unknown

Mohamed Saad an Agricultural Engineer, editor of Cairo Telegraph site , member of the American Cultural Committee and the owner of Techno Jet company for Electronics..

1 التعليقات:

  1. القصه روعه تسلم ايدك على القصه المميزه دى ☺☺☺

    ردحذف