مقالة رائعة وجريئة عن أحوال الوطن العربى بعنوان " ربيع كان أم خريفا؟! " ...


ربيع كان أم خريفا؟!





كتبت / إخلاص نصر 

"لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك امراً " اية لطالما قرأناها فى كتاب الله وتكررت على مسامعنا  وكثيراً مرت علينا مرور الكرام دون ان نتاملها أو نمعن التفكير فيها  ولكنها  اصبحت لسان حال  جميع العرب الآن  , لا نتحدث مع شيخا ليدلنا على مخرج من الازمات التى نعانيها   الا ورددها  ولا مفكرا او سياسيا  الا وقالها   , ليس من باب الايمان  فجميعنا كفر بالانسانيه   ولا من باب التدين فجلنا فاسق , متخاذل , لا يعرف عن الدين الا فتتات الامور  ولكن من باب  قلة الحيلة والحجز  والتواكل .
  شهدت  الفترة الاخيرة  ازمات كثيرة  فى بلدان اكثر : بورما , العراق مروراً بمصر  وأخيرا سوريا  , فمنذ إندلاع ثورات الربيع العربى  ولم تهدأ  العواصف والأعاصير , أزمات تلو الاخرى  جعلتنا نتسأل أكان ربيعا حقا ام خريفا؟!  بكل ما يحمله  من سقوط لأرواح  البشر  وعلو صوت  البنادق كحفيف صوت الشجر  وإصفرار وشحوب  وجوه الآباء حزنا لفراق  فلذات أكبادهم  وقرة أعينهم .
كيف يكون ربيعا ونحن لم نر  فيه غير لون الدم  وطعم الحداد  العالق فى الفم وكأنه غصة ابت  ألا ان تكدر علينا حياتنا ؟!. ولكن كيف لثورات أقيمت  للقضاء على ذل العبودية  وإعلاء كلمة الحرية   ان تكون غير ربيع  جاء ليلطف حرارة الظلم  ويبعث نسيم الحرية  وينبت حبا  وفخراً يملأ البساتين   بخيرة الشباب واشجعهم , ويحيى املا  قد اوشك ان يموت نتيجة برود نفوس تقاعست عن الحلم , تقاعست عن الحياه .
ولكن بعد 6 سنوات لم نجنى من هذا الربيع سوى  الدم والخراب والاعتقالات . أهم تعمدوا  ان يحولوا ربيعنا لخريف كى نلعنه ونتمنى لو ان عام 2011 كان خاليا من هذا الربيع؟ , أكثير علينا ان نحلم بوطن افضل؟ , وطن اردنا  ان نحيا فيه بسلام وحرية  وعدالة , اردنا ان نخبر العالم كله باننا لا نقل عن اى شعب  متقدم  , شعب اختار لنفسه  الحرية  وقرر ان يغضب لحضارته وكرامته ومكانته  بين الشعوب  , غضب دون ان يخرجه غضبه عن سلميته التى التزمها منذ قرر ان يثور , ولكنهم لم يجيبوا سلميته الا بالرصاص والدم , وهو ما دمر سوريا حاليا . 
  ان سوريا تباد  ونحن واقفون عاجزون , مكبلون الأيدى ومكممون الافواه , قتل مايقرب من مليون سورى فى مجازر يندى لها الجبين وتشيب لها الرأس , معظمهم مدنيون لم يحملوا يوما سلاحا ولا يعرفون كيف  يستخدم ,  قتل  مليون شخص من اجل شخص واحد  , من اجل ان يحيا وينعم  بالكرسى والسلطة  ذاك طبيب العيون  الذى لم و  لن تر عينيه  النور   وكيف تراه  وعلى قلبه  غشاوة وران عظيم يحجبه عن رؤية دموع ام ثكلى  واب فقد جميع اولاده , وحجبه ان يسمع صرخة ابن فقد ابويه فى مجزرة من المجازر   التى يسعد بها ذاك الاسد  , وكيف لا تسعده وهى دائما تشعره بأنه ليس مجرد طبيب عيون  ولكنه حاكم عربى . اذ انه يدرك جيدا  انه لكى تكون حاكما عربيا  ناجحا  عليك ان تبيد شعبك  وتحطم ارادته 
 هذا الجزار الذى كان من الممكن الا يرى كرسى العرش اذا لم يتوف اخوه باسل ,ولكنها  ارادة الله للعرب اراد الله  بشار لكى يثبت لنا ان ليس كل مصيبة ابتلاء  ولكن هناك مصائب بلاء ,المصيبة بلاء لان  المصابين  يستحقون هذا البلاء .

 نعم فنحن العرب  نستحق أمثال بشار  والسيسى وغيرهم  من حكام العرب  الذين لم يضيعوا الفرصة  فى النيل منها , نستحق المصيبة لاننا تخاذلنا  عن نصرة إخواننا المسلمين  . كانت بورما .تحترق  وفلسطين تستغيث  ونحن ملهون  فى مبارة كرة قدم . كانت العراق تحتل  ونحن نتهافت اى الممثل  افضل ومن يستحق الكرة الذهبية . شعب يباد وبلاد تحترق وكل ما يشغلنا  من هو احق بالدورى ؟! تملئ الفرحة قلبوبنا لفوز نادينا المفضل بالدورى فى حين ان شعب كامل ماتت الفرحة فى قلبه  , ماتت لان الانسانيه ماتت فى قلوبنا  , كيف لسوريا ان تفرح  وكل منازلها ثكلى , فقدت ابا  او اما  او ربما فقدتهما الاثنين وهناك منازل فقدت كل قانطيها , اتسأل كثيرا كيف يمر عليهم يومهم  ؟! هل صباحهم  كصباحنا  ام انه صباح ملون  بالدم , ونهارهم كنهارنا  ام انه صاخب بصوت المدافع  وليلهم هادئ ومستكين  ام افزعته صوت الغارات والصواريخ,  وفجرهم  الذى نامت فيه ضمائر العرب  واستيقظت عندهم  صوت المدافع  لتعلن عن يوم جديد , يختلف عن سابقه فى عدد الشهداء  المتزايد  والاحياء المدمره .
  سوريا التى لم يختلف احد على جمالها باتت مشوة , وملطخة بدماء ابنائها  فحين تطئ قدميك ارض الشام احرص  ان تقبل ترابه فقد سقى بدماء شبابها , واذا اردت ان تتجول  فى المدن فعليك بالقاء السلام على كل مكان تذهب اليه فاشلاء شعب قد نثرت  فى ارجاء هذا الوطن ,  واذا اردت ان تقيم صلاة هناك  فاجعل من مكانك قبلة  واقم صلاتك  فلم يعد لك مكان فى مساجدها  فقد امتلات   بالحجارة والاسقف المهدومه . 
دمار فى كل مكان على يمينك وعلى اليسار , تحالف  العالم كله ليحدثه وكان اولهم العرب , خذلناهم  وجئناهم نبكى  ونرجو السماح , يالحقارتنا , تركنا الاسد  يجعلها غابه دون ان نخبره ان مثله لا يصلح ان يكون اسدا ولا يملك مقومات ملك الغابه .
 تركنا روسيا تعيث فيها فسادا باسم محاربة الارهاب , اى ارهاب هذا التى تزعم انها تحاربه , تقتل مدنين غير مسلحين لا حول لهم ولا قوة وتدعى بهذا انها تحارب الارهاب , اليس  ماتفعله هى هو الارهاب بعينه ؟ . فقد اعلن الجيش الروسى  اليوم الموافق 23 ديسمبر  إنه قتل نحو 35 ألف مسلحًا في سوريا منذ بدء حملته الجوية هناك منذ عام، وفقًا لـ"سكاي نيوز" .
    وجاء مقتل السفير الروسى بتركيا على يد احد الحراس التركيين الداعمين لسوريا  ,جاء  ليؤكد  لنا ان روسيا ستستمر فيما قد اقدمت عليه  وقد وجدت ما يبرر لها هذا   بعد ان اعتبرتها عملية ارهابية وهى خير من يواجه الارهاب  ومن الجدير بالذكر  ان فى اليوم التالى لحادثة الاغتيال , اجتمعت روسيا وتركيا وايران وبشار و اتفقوا على إجراء محادثات سلام لحل الصراع في سوريا في استانة عاصمة كازاخستان. ولم تذكر اى مشاركات للمعارضه  السوريه  فى هذه المحادثات وجاء ذلك عقب قرار اجلاء حلب من المعارضة المسلحه والذى يعد اكبر انتصار لبشار منذ  اندلاع  الثوره السوريه  قبل 6 سنوات  ولم يكن يتم هذا الا بمساعدة روسيا.

   على الجانب الاخر تركنا امريكا تعبث بسوريا  , حين تقرر أتوجه لها الضربة العسكرية أم تلجأ للحلول السلميه وتسوية الأمر  مع بشار ,  والتصالح مع المعارضة , فقد قررت ان توجه لها ضربة عسكريه متزعمة انها تريد  لها السلام   بعد ان قام بشار باستخدام السلاح الكيماوى فى ابادة شعبه  , لكن امريكا لم يكن في حسبانها ان تلاقي كل هذا الرفض للقرار مما دفع اوباما لاخذ موافقة الكونجرس الامريكى على توجيه  الضربه وعلينا ان ندرك ان اوباما فى قرارة نفسه  كان يتمنى الا يوافق الكونجرس , لانه بذلك سيدخل حربا جديده وصراعا  ليس من المؤكد  ان ينتهى لصالحه وذلك لان دول كثيرة  رفضت ضرب سوريا  حتى بريطانيا لجأت الى مجلس العموم الذي رفض بشدة إعطاء تفويض لرئيس وزرائه للإشتراك مع الولايات المتحدة بشن هذه الحرب والتي كانوا هم وحلفائهم من أكثر المشجعين والداعمين لها , لذلك كان من الحمق  ان يفكر اوباما فى هذه الضربه ولكنها اسرائيل  التى دائما يسعى لتامينها , فهذه الضربة كانت من مصلحتها ان تتم .
فلنترك الغرب جانبا ونتحدث عن السعوديه , اين   السعوديه من كل هذا ؟! , اليس هذا النظام الذى دائما يتهمه النظام السعودى بالكفر , لما لا  تأخذ السعوديه موقفا مشرفا وترسل جيشها لتقضى على بشار , ألديها نقص فى السلاح وهى اكثر دولة تشتريه وتخزنه ؟!
اننا جميعا خذلنا سوريا , اين الخليج من كل هذا وما دور جامعة الدول العربيه  تجاه كل هذا الدم  والدمار , أدورها فقط ان تشجب
 و تستنكر وتدين ؟!
ليس لدى ما اقوله ولا عذر لنا ولا مبرر لما وصلنا  اليه , وليس هذا كل الحزن , فقط هذا  ما استطيع ان ابكيه.  
وفى النهاية لا يسعنى الا ان  اتوجه الى الله بالدعاء , فهو الشئ الوحيد القادرون نحن عليه  ونأمل من الله ان يستجيب لنا ويحدث بعد ذلك امرا  , واتوجه الى حكام العرب بكلمة واحدة  حافظوا على ما تبقى من ماء وجوهكم وارحلوا عنا  .


   
Share on Google Plus

About Unknown

Mohamed Saad an Agricultural Engineer, editor of Cairo Telegraph site , member of the American Cultural Committee and the owner of Techno Jet company for Electronics..

0 التعليقات:

إرسال تعليق